يا بني: انك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة فدار أنت إليها تسير أقرب إليك عن دار أنت عنها متباعد.
يا بني: جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فلا تجادلهم فيمنعوك وخذ من الدنيا بلاغا ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس وصم صوما يقطع شهوتك ولا تصم صياماً يمنعك من الصلوات فان الصلوات احب إلى الله من الصيام.
يا بني: خف الله خوفاً لو أتيته بعمل الثقلين خفت ان يعذبك، وارجه رجاءاً لو اتيته بذنوب الثقلين رجوت ان يغفر لك فقال له ابنه يا أبت وكيف اطيق هذا وانما لي قلب واحد فقال يا بني لو استخرج قلب المؤمن فشق لوجد فيه نوران نور للخوف ونور للرجاء لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة.
يا بني: لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها إلاّ ترى
انه لم يجعل نعيمها ثواباً للمطيعين ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.
يا بني:ان تك في شك من الموت فادفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك وان كنت في شك من البعث فادفع عن نفسك الأنتباه ولن تستطيع ذلك فانك إن فكرت في هذا علمت ان نفسك بيد غيرك وانما النوم بمنزلة الموت وانما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت.
يا بني:ان الناس قد أجمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولا من جمعوا له وانما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجراً فاوف عملك واستوف اجرك ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها ولكن اجعل الدنيا بمنزلة القنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر أخربها ولا تعمرها فانك لا تؤمر بعمارتها، واعلم انك ستسأل غداً إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع شبابك فيما ابليته وعمرك فيما أفنيته وما لك من أين اكتسبته وفيما أنفقته فتأهب لذلك وأعد له جواباً ولا تأس على ما فاتك من الدنيا فان قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه وكثيرها لا يؤمن بلاؤه فخذ حذرك وجد في أمرك واكشف الغطاء عن وجهك وتعرض لمعروف ربك وجدد التوبة في قلبك واكمش في فراقك قبل ان يقصد قصدك ويقضى قضاؤك ويحال بينك وبين ما تريد.
يا بنى : لان يضربك الحكيم فيؤذيك خير من ان يدهنك الجاهل بدهن طيب.
يا بني :تعلمت سبعة آلاف من الحكمة فاحفظ منها أربعاً وسر معي إلى الجنة احكم سفينتك فان بحرك عميق وخفف حملك فان العقبة كؤد واكثر الزاد فان السفر بعيد واخلص العمل فان الناقد بصير.
يا بني: اتخذ ألف صديق، وألف قليل، ولا تتخذ عدواً واحداً والواحد كثير.
وقيل: ان مولاه دخل المخرج فأطال فيه الجلوس فناداه لقمان إن طول الجلوس على الحاجة يفجع منه الكبد، ويورث منه الباسور، ويورث الحرارة إلى الرأس، فاجلس هوناً، وقم هوناً، فكتب حكمته على باب الحش.