أدى انتشار الكمبيوتر وألعاب الفيديو في السنوات الأخيرة إلى بروز دورها في حياة الأطفال حيث إنها لعبة العصر التي يفضلها الولد على الألعاب التقليدية التي طالما اعتدنا في السابق أن نلعبها مع الأطفال الآخرين، وإذا كان اندفاع الطفل نحو ألعاب الفيديو والكمبيوتر يحمل في طياته الكثير من الأمور الإيجابية ولكن من جهة أخرى فإنه لا يخلو من المخاطر الصحية والسلوكية والدينية التي ينبغي الالتفات إليها.
أولاً: نوعية الألعاب الإلكترونية
إن جميع البرامج وخاصة الألعاب تعتمد على عناصر ومؤثرات ضوئية وصوتية تشد الصغار بشكل كبير وفعال نظراً لتمكنها من إخراج صور وألوان معينة قد لا يتمكن الآخرون من إظهارها في المجالات الأخرى.
وتنقسم ألعاب الكومبيوتر إلى الأنواع التالية:
أ ألعاب تعليمية تعتمد على قصة أو شخصية كرتونية:
هذا النوع من الألعاب مفيد جداً للأطفال فهو يبدأ في تثقيفهم بثقافة سهلة وسلسة وضمن هذا المجال نجد أيضاً بعض البرامج باللغة العربية التي تدعم الثقافة العربية وهذه البرامج يمكن أن يبدأ معها الطفل من سن الرابعة.
ب ألعاب فكرية (تقوية الملاحظة والتركيز):
عملياً تعتبر هذه البرامج للصغار ولكنها تشد الكبار أيضا ًنظراً لأنها تقوي المخيلة وسرعة البديهة والذاكرة والنشاط الذهني ويبدأ بها الطفل من سن السابعة.
ج الألعاب التي تعتمد إستراتيجيات حربية (تحتاج إلى وضع الخطط):
هذا النوع من الألعاب يعتبر نوعا ما من المراحل المتقدمة التي تحتاج إلى نضج عقلي ويبدأ بها من سن العاشرة والمراهقة حتى الشباب وأكثر إذ إنها تتدرج صعوبتها.
د ألعاب تعتمد فقط على صراع البقاء:
هذا النوع من الألعاب قد يكون عنيفاً وقد لا يكون كذلك ولكنه يؤدي إلى تبلد الفكر إذ إنه يعتمد على صيد معين (طائرات.. مراكب فضائية..) وهو يعتمد فقط على مبدأ تجميع أكبر عدد من النقاط.
ثانيا مخاطر الألعاب الإلكترونية
1 المخاطر الصحية
لقد حذّر خبراء الصحة من أن تعود الأطفال على استخدام أجهزة الكمبيوتر والإدمان عليها في الدراسة واللعب ربما يعرّضهم إلى مخاطر إصابات قد تنتهي إلى إعاقتهم، أبرزها إصابات الرقبة والظهر والأطراف، ويشيرون في هذا الصدد إلى أن هذه الإصابات تظهر في العادة عند البالغين بسبب استخدام تلك الأجهزة لفترات طويلة مترافقاً مع الجلوس بطريقة غير صحيحة أمامه، وعدم القيام بأي تمارين رياضية ولو خفيفة خلال أوقات الجلوس الطويلة أمام الكومبيوتر.
ومن ناحية أخرى كشف العلماء مؤخرًا أن الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحركة الموجودة في هذه الألعاب تتسبب في حدوث نوبات صرع لدى الأطفال.
كما حذر العلماء من الاستخدام المتزايد لألعاب الكومبيوتر الاهتزازية من قبل الأطفال، لاحتمال ارتباطه بالإصابة ب(مرض ارتعاش الأذرع والأكف). كما طالب الباحثون بضرورة كتابة تحذيرات على مثل هذا النوع من الألعاب وضرورة تقنين إنتاجها وتحديد نسب اهتزاز معينة، خصوصا مع ازدياد عدد الأطفال الذين يستخدمونها.
وقد أشار العلماء إلى أنه على مدى الخمس عشرة سنة الماضية ومع انتشار ألعاب الكومبيوتر، ظهرت مجموعة جديدة من الإصابات الخاصة بالجهاز العظمي والعضلي نتيجة الحركة السريعة المتكررة، موضحة أن الجلوس لساعات عديدة أمام الكومبيوتر يسبب آلاماً مبرحة في أسفل الظهر، كما أن كثرة حركة الأصابع على لوحة المفاتيح تسبب أضراراً بالغة لإصبع الإبهام ومفصل الرسغ نتيجة لثنيهما بصورة مستمرة، كما تشير الأبحاث العلمية إلى أن حركة العينين تكون سريعة جدا أثناء ممارسة ألعاب الكومبيوتر مما يزيد من فرص إجهادها، إضافة إلى أن مجالات الأشعة الكهرومغناطيسية والمنبعثة من شاشات الكومبيوتر، تؤدي إلى حدوث الاحمرار بالعين والجفاف والحكة وكذلك الزغللة، وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني وأحيانا بالقلق والاكتئاب وكذلك زيادة وزن الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين 6و17 سنة، ومثل هؤلاء الأطفال يكونون عرضة للإصابة بالأمراض المصاحبة للسمنة كأمراض القلب، والسكريتن، والمشكلات الصحية، والاجتماعية الأخرى.
2 المخاطر السلوكية
ذكرت دراسة أمريكية حديثة أن ممارسة الأطفال لألعاب الفيديو التي تعتمد على العنف يمكن أن تزيد من الأفكار والسلوكيات العدوانية عندهم. وأشارت الدراسة إلى أن هذه الألعاب قد تكون أكثر ضرراً من أفلام العنف التلفزيونية أو السينمائية لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل وتتطلب من الطفل أن يتقمّص الشخصية العدوانية ليلعبها. وقال بعض علماء النفس: إن التعرّض مدة كبيرة للألعاب العنيفة يؤدي إلى انجذاب أطفال غير عدوانيين للأساليب العدوانية. كما أوضحت الدراسات العلمية أن كثرة استخدام وممارسة الألعاب الإلكترونية في السنوات الأولى من عمر الطفل، تؤدي إلى بعض الاضطرابات في مقدرة الطفل على التركيز في أعمال أخرى أكثر أهمية مثل الدراسة والتحصيل بل إن بعض ألعاب الكومبيوتر تشجع على الانحرافات السلوكية الخطيرة التي قد يكتسبها الطفل من المشاهدة مثل انتشار العنف والعدوانية، حيث أثبتت الأبحاث أن الطفل الأقل ذكاء يفضل اختيار الألعاب العنيفة عن غيرها.
ثالثا: فوائد الألعاب الإلكترونية
تشير العديد من الدراسات إلي أن ألعاب الكومبيوتر تؤدي إلى الشعور بالراحة، والتدريب والتعاون والتنظيم وتعزيز الثقة بالنفس أما جديد هذه الدراسات فهو تركيزها على الذكاء. ومع ذلك يصر تقرير وزارة الداخلية البريطانية الذي صدر بهذا الشأن على ضرورة مراقبة الأهل، أي ترك الطفل يلعب على الكمبيوتر مع مراقبته، إذ إن هناك خيطاً رفيعاً يجب الانتباه إليه هو الفاصل بين الفائدة والضرر من ألعاب الكومبيوتر والفيديو.
رابعاً: نصائح عامة
ليس كل ما هو متوفر من ألعاب إلكترونية جيد، وواجبنا نحن كل منا في موقع عمله وفي واقعه ومحيطه أن يسعى لأن يقدم لأطفالنا الثقافة الضرورية لتنمية مقدراته، فوسائل الإعلام سلاح ذو حدين قد تقوم بدور فعال في توجيه الأطفال وتنشئتهم أو تكون عكس ذلك من خلال المضامين والمواضيع التي تعالجها.
ويتمثل ذلك من خلال تربية واعية للطفل ومراقبته جيداً، وعدم السماح له باختيار الألعاب العنيفة والمؤذية صحيا ودينيا. فقد عرضت رئيسة المؤسسة العالمية شيلر بحثاً طويلاً عن مخاطر تعرّض الأطفال للموت وآثار ألعاب الفيديو فتقول: (البعض يسعون إلى تدمير كل ما هو إنساني، ولهذا فهم يستعملون تقنية من أجل خلق تغييرات في السلوك.
وتعبّر هذه الباحثة عن صدمتها للجواب الذي سمعته من أحد الأطفال الذي اعتبرته حالة تحمل في طياتها حالات الآخرين: (جميل أن نقتل كي نصبح أقوياء في مواجهة أعدائنا.
ولتقليل الأضرار الصحية للألعاب الإلكترونية وحماية الأطفال، ينصح العلماء بألا تزيد مدة اللعب عن ساعتين يوميا بشرط أخذ فترات راحة كل 15 دقيقة، وألا تقل المسافة بين الطفل وشاشة الكومبيوتر عن 70 سم، على أن تكون الأدوات المستخدمة في اللعب مطابقة للمواصفات العلمية، كأن يكون ارتفاع حامل الكومبيوتر متناسبا مع حجم الطفل، بالإضافة إلى التأكد من جودة الخامات التي تصنع منها مقاعد الجلوس وكمية الإضاءة المناسبة بالحجرة، وأن يتم إبعاد الأطفال عن الاستخدام المتزايد لألعاب الكومبيوتر الاهتزازية حتى يتجنبوا الإصابة المبكرة بأمراض عضلية خطيرة كارتعاش الذراعين.
وأين الحل؟
إن إسلامية الألعاب الإلكترونية.. هي الحل، فلا أحد ينكر أن للألعاب الإلكترونية الغربية الكثير من المساوئ على الرغم من جمالها وقوتها حتى وإن لم يقصدنا الغرب نحن بالذات، فهو يصدر لنا أخلاقه وحتى دينه على شكل ألعاب كومبيوترية .
لقد بات بعض شبابنا يتأثر بصورة ملحوظة بما يصدره الإعلام إلينا من أفكار وفلسفات وسلوكيات وأخلاقيات لا تمت إلى مجتمعنا وثقافتنا بأي صلة ولا يمكن مواجهة ذلك التحدي الخطير، إلا بنفس الوسائل والأدوات، فلا يمكن مواجهة الإعلام الغربي إلا بإعلام إسلامي ملتزم وقوي ومؤثر.
والآن يأتي السؤال: هل ألعاب الكومبيوتر في عالمنا الإسلامي تستحق مثل هذا الجهد؟.
الجواب (نعم). فنحن كمسلمين نختلف عن الغرب من ناحية التفكير في الأهداف، فحيث إن صناعة ألعاب الكومبيوتر من أصعب أنواع البرمجة، فيجب ألا يهدر المبرمجون المسلمون أوقاتهم وطاقاتهم في إنتاج ألعاب لا هدف لها سوى إمضاء الوقت، فيجب تصميم ألعاب إسلامية مفيدة ليس أقلها من لعبة تمثل استرداد المسجد الأقصى بحيث يشارك اللاعب فيها في المعركة مما سيساعد في إيقاد شعلة الجهاد في نفوس الشباب، هذه الشعلة التي استطاع الغرب أن يخمدها في صدور الكثير منا بوسائله الإعلامية المتعددة، ومن ضمنها ألعاب الكومبيوتر.